منذ قَرنٍ مِنَ الزمن، وعندما كان
الكاتب الفرنسي "فيكتور هوجو"
مبعداً..مريضاً..مضطهداً.. منفياً من وطنه فرنسا
كان يتسلق إحدى التلآل المرتفعة كل مساء ويراقب غروب الشمس غارقاً في خِضَمِّ تأملآته
ثم ينهض من مكانه فوق المقعد الخشبي، فيختار حصاة تختلف في حجمها.
أحياناً صغيرة وأحياناً كبيرة فيلقيها في المياه تحته بكل راحة ورضــآ..!
هذا التصرف لم يلفت نظر الأولاد الذين كانوا يلهون ويلعبون على مقربة منه،
إلآ أنه ذات مساء تقدمت منه فتاة صغيرة يبدو أنها أكثر شجاعة من رفاقها ورفيقاتها
وسألته: يآ سيد "هوجو"! لماذا تأتي إلى هذا المكان لتلقي بهذه الحجارة؟!
فلزم الكاتب جانب من الصمت، ثم ابتسم ابتسامة وقور وقال:
لآ يا صغيرتي ليست حجارة هذه التي ألقيها.. إنني ألقي الرثاء الذاتي في البحر!
إن في هذا التصرف الرمزي لأبلغ درس وعبرة لعالم اليوم، فعلى الرغم من أن
مميزاتنا وصفاتنا متعددة الوجوه.. إلآ أننا دائماً يقظون في البحث عن سبب للشكوى
والغم من سير حياتنــــآ..!
فالعاقل في الحياة يعلم أن حياته الصحيحة حياة السعادة والطمأنينة، ويعلم
أن الحياة قصيرة جداً ، فلا ينبغي له أن يقصرها بالهم الاسترسال مع الأكدار
فذلك ضد الحياة الصحيحة، فطبيعة الحياة الدنيا المعاناة والمقاساة التي يواجهها
الإنسان،كما دلّ عليه كلآم الحق تبارك وتعالى:
"لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدْ"
فهو إما حزين على ما مضى، أو مهموم بما يستقبل، أم مغموم في الحال..!
ولهذا كان مما تميزت به الجنة عن الدنيا أنها لآ هم فيها ولآ غم!!
ومن أكبر النعم على الإنسان أن يعتاد النظر إلى الجانب المضيء في الحياة
لآ الجانب المظلم منها، فإن رحابة أفق الشخص وتحديد مثله الأعلى وطموحاته
وثقته بنفسه ثم تفاؤله وابتسامته المشرقة هي الخيوط التي يجب أن ينسج بها حياته..
والإنسان العاقل هو الذي يعرف كيف يوزع رصيد عواطفه على مختلف المواقف في حياته
مفرحة كانت أو محزنة لآ أن يستنفذ عواطفه في مواقف قد لا تحتاج إلى تلك
السعادة أو هذا الألم..
فإذا كنّا نجد أنفسنا أمام خطر السقوط فريسة هجوم من هجمات البؤس الشخصي،
فلنتذكر "فيكتور هوجو" والتقليد المسآئي..
فلماذا لآ نترجمه إلى حركة فنجمع أحزاننا كلها ونعتبرها حجراً فنلقيها بعييييداً
عنّا بما ملكت يدنا من قوة؟!
فسنشعر حتماً بتحسن..!
منقول